المنشآت مسبقة الصنع Industrialized Construction
هو البعد العاشر من أبعاد تقنية BIM، وهو نظام البناء القائم على استخدام التكنولوجيا و الآلات في جميع مراحل دورة حياة المشروع من تصميم و تصنيع و تنفيذ وإدارة.
تسمى أيضاً الإنشاءات مسبقة الصنع «Prefabricated construction»،و أحيانًا بالإنشاءات المعيارية «ModularConstruction»، وهي عبارة عن نظام بناء معياري حديث و خفيف الوزن وقابل للفك ، حيث تعتمد على بناء و تركيب مكونات المباني بعيدًا عن موقع الإنشاء وتحت ظروف متحكم بها ، ومن ثم تركيب و تجميع مكونات المبنى في الموقع المراد، تدعى هذه الوسيلة بالإنشاءات المعيارية لاعتمادها على مكونات معيارية بالتصنيع.
يمكن اختصار تعريف المبنى مسبق الصنع بأنه مبنًى صنع وأُنشئ باستخدام وحدات مصنعة مسبقاً في المصنع ثم نُقلت وجمعت في الموقع لتشكيل وبناء المبنى بأكمله.
الانتقال من نظام البناء التقليدي إلى نظام المنشآت المُصنعة:
تعرضت دول كثيرة في أوروبا الشرقية لأضرار مادية جسيمة خلال الحرب العالمية الثانية، كما انهار اقتصادها وأصبحت في حالة سيئة جدًا، وظهرت الحاجة إلى إعادة بناء المدن المتضررة بشدة بسبب الحرب ،حيث هدمت معظم المباني في وارسو بعد انتفاضتها عام 1944،كما دمّر مركز دريسدن ( ألمانيا ) عام 1945، ودُمّر جزء كبير من ستالينجراد ولم يتبق فيها سوى عدد قليل من المباني.
و لهذه الأسباب كانت المباني مسبقة الصنع بمثابة وسيلة غير مكلفة وسريعة للتخفيف من النقص الهائل في المساكن المدمرة زمن الحرب.
مؤخرًا برزت الصين كمثال لعمليات البناء السريعة، حيث قامت في بداية جائحة كورونا بمدينة ووهان بتشييد مستشفى كاملة باستعمال نظام التصنيع المسبق خلال 10 أيام لاستيعاب المرضى و أيضاً يستخدم ماكدونالدز منشآتٍ مسبقة الصنع لمبانيه وسجّل رقمًا قياسيًا تمثل في بناء مطعم وافتتاحه للعمل في غضون 13 ساعة فقط،علمًا أن الأعمال الأرضية كانت مجهزة ومعدة مسبقًا.
انتشار الأبنية مسبقة الصنع:
يبدو أن الأبنية مسبقة الصنع تنال رواجًا في دول شرق آسيا ذات الكثافة السكانية العالية، و بالأخص في الأماكن التي تشهد مشاريع تطوير عمرانيّ كبيرة، فأطول برج معياري في العالم الآن هو برج “كليمينت كانوبي” في سنغافورة، بارتفاع 135 مترًا، وقد تم بناؤه باستعمال وحدات اسمنتية مسبقة الصنع.
بدأت الشركات الصينية الخاصة بالتوسع في هذا المجال حيث:
أتمت شركة «Broad Group» الصينية بناء برج سكني مكون من عشرة طوابق في مدة لم تتجاوز 29 ساعة( المبنى عبارة عن وحدات معيارية مصنعة مسبقًا، نُقلت إلى موقع الإنشاء حيث تم تركيب أجزائه وإيصال المياه والكهرباء).
أيضاً خططت شركة «Broad Group» عام 2012 لبناء أعلى ناطحة سحاب في العالم بارتفاع 838 مترًا باستعمال تقنية المسبق الصنع، وكان من المخطط الانتهاء من البرج خلال 7 شهور في البداية، و تقلصت مع بداية الإنشاءات إلى 90 يومًا فقط ، إلا أن بناء البرج توقف عام 2013 وسط مخاوف حول سلامته وتوقف دعم الحكومة.
هل المباني مسبقة الصنع أكثر كفاءة واستدامة؟
في الوقت الحالي هناك زيادة في استخدام المواد الخضراء الصديقة للبيئة عند بناء مسبق الصنع ،حيث يمكن الاختيار بين لمسات نهائية صديقة للبيئة وأنظمة حوائط مختلفة، فبدأ المهندسون المعماريون باستخدام التصاميم الحديثة في البيوت مسبقة الصنع بحيث يمكن مقارنة البيوت مسبقة الصنع من حيث المظهر بالبيوت الحديثة،والجدير بالذكر أن الأبنية مسبقة الصنع تسمح بتضمين تقنيات ومعايير أفضل لضمان العزل الحراري أو التدفئة كما أنها تقلل من انبعاثات الكربون الصادرة عن مواقع الإنشاء وتقلل من مخلفات عمليات البناء،و بما أن هذه البيوت مكونة ومبنية من أجزاء، فإنه من السهل على صاحب البيت أن يضيف إلى الأسقف غرفًا إضافية أو حتى ألواحًا شمسية، ويمكن تخصيص العديد من البيوت مسبقة الصنع حسب الموقع والمناخ ، مما يجعلها أكثر مرونة وحداثة من ذي قبل.
من النماذج الناجحة لتطبيق هذا النظام هو حي الإبداع المناخي بمدينة ليدز ببريطانيا، والذي يعتبر مشروعًا رائدًا في العمارة المستدامة وتوفير الطاقة ويوفر منازل مسبقة الصنع بجودة عالية.
أهم خصائص الأبنية مسبقة الصنع :
- يمكن استخدامها لمدة 40 عامًا في المتوسط، ويمكن تمديد هذه الفترة أو تقصيرها اعتمادًا على عوامل مثل الاستخدام والظروف المناخية والرطوبة.
- الإنشاءات المصنّعة والمعيارية بمختلف تقنياتها توفر حلولًا لتوفير مساكن ومنشآتٍ موفرة وفعّالة ومستدامة.
- تقلل من التاثير البيئي بمعدل كبير حيث تقف بوجه التلوث البيئي للمياه و الهواء و الضجيج الذي يسببه مشروع الإنشاء .
- من الممكن لهذه المباني أن تصمد أمام الزلازل التي تصل قوتها إلى 7 درجات.
إنتاج وتنفيذ الأبنية مسبقة الصنع :
تعد طلبات ورغبات العميل, العنصر الأهم في عملية تنفيذ مشروع الأبنية مسبقة الصنع، حيث يقوم المختصين بإعداد الاشتراطات الفنية والمواصفات الهندسية والمخططات التنفيذية للمشروع والتي تمت الموافقة على كل مرحلة منها ثم تبدأ عملية الإنتاج في المصنع ، حيث يتم أولاً تفصيل المشروع وحساب الهيكل الحامل وتحديد المواد المطلوبة للمبنى، ثم يتم تنفيذ مرحلة الإنتاج الكاملة للمبنى بدقة، وتخضع الأجزاء الجاهزة للتركيب إلى مراقبة جودة مباشرة بعد إنتاجها ، في هذه المرحلة من المفترض بدء إعداد البنية التحتية وفقًا لخطط محددة.
بعد إنتاج الهياكل الجاهزة يتم نقلها إلى أرض المشروع حيث تُخزن في أماكن التخزين المرحلي و يتم فحصها قبل بدء عملية التركيب للتأكد من عدم إصابتها بأي ضرر خلال عملية النقل ، حيث تكتمل عمليات التجميع في منطقة الإنشاء التي سيتم فيها تركيب المبنى، والتي يمكن تجهيزها وفقًا لأي مشروع مطلوب مثل :إنتاج وتركيب أبنية المكاتب مسبقة الصنع بطابق واحد أو طابقين حيث تساعد وحدات الأبنية الجاهزة على تسهيل عملية التركيب بشكل سريع في أماكن العمل حيث يتم إنشاؤها واختبارها في المصنع بنسبة 95%.
صيانة المباني المسبقة الصنع :
تتطلب المباني الجاهزة الصيانة مثل أي مبنى آخر،و يجب الانتباه إلى الصيانة الروتينية للهياكل الجاهزة التي تتكون من مجموعة من المواد ذات الخصائص المختلفة.
المواد المستخدمة في الأبنية مسبقة الصنع :
- الألواح العازلة الهيكلية :
من أكثر أنواع الإنشاءات المعيارية ومسبقة الصنع انتشارًا الآن، وهي ألواح مصنّعة ومجهزة حسب الطلب يمكن تشكيلها حسب الحاجة والشكل المطلوب ، وتحتوي على نظم العزل الخاصة بها قبل التشييد، و يتم استخدامها في أوروبا بشكل كبير نظرًا لكفاءتها وإمكانية تشكيل الألواح بأشكال مختلفة ، ناهيك عن خصائصها الحرارية الممتازة.
مثل : المنازل المصممة بمدينة ليدز البريطانية باستعمال الهياكل الخشبية المصنّعة مسبقًا.
- أنظمة الفولاذ الخفيفة :
و تكون بأغطية عازلة واسمنت ليفي على كونكريت فولاذي. - أنظمة الألواح المضغوطة:
تعد الاختيار الاقتصادي ذو الجودة العالية و يتم إنتاجها باستخدام EPS سطحي للحوائط مع تغطيتها باسمنت ليفي. - ألواح ساندوتش :
يتم إنتاجها بالصاج المجلفن المطلي, مع خيارات العازل المختلفة.
يتم استخدام هذه الخيارات في إنتاج العديد من الأبنية مسبقة الصنع مثل (أبنية المكاتب, أبنية المهاجع , أبنية قاعات الطعام, أبنية دورات المياه ،مباني المنشأت الرياضية, المساجد, العيادات, الأبنية التعليمية)، وتمتلك هذه الأبنية خاصية التركيب والتفكيك للعديد من المرات بدون أي مشكلة، وبفضل ذلك يمكن تركيب هذه الأبنية في العديد من أماكن البناء والتشييد بكل سهولة، بالإضافة إلى ذلك تمتلك هذه الأبنية لشهادات المطابقة للمواصفات الأمريكية لتجنب الحرائق “NFPA 5000”.
ينصح باستخدام مواد اسمنت ليفي غير قابلة للاحتراق (Cement Board) في الأماكن التالية:
- في الجبهات والأماكن الداخلية مواد اسمنت ليفي غير قابل للاحتراق من الفئة A1 في أغطية الألواح.
- في الجبهات الخارجية يتم استخدام الألواح بصاج واسمنت ليفي.
- للأسطح الخارجية اسمنت ليفي وغطاء PET.
والسبب في ذلك يعود إلى أن الاسمنت الليفي المستخدم في الأغطية الداخلية والخارجية يفيد بعدم تأثر الأبنية بأي من الظروف الزمانية أو المناخية بسبب خصائصه المقاومة للماء ويتميزأيضاً بمنع دخول الحشرات واستقرارها داخل المبنى .
و من الصفات الأخرى هوعدم احتوائه بأي شكل من الأشكال على الاسبست الضار لصحة الإنسان ، حيث تكون كافة المواد المستخدمة صحية،ويتم تنفيذ كافة المرافق فوق الجص أو أسفله وفقاً للرغبة.
فوائد الأبنية مسبقة الصنع :
يوفر التصنيع المسبق عدة فوائد لعملية البناء:
- من جهة الإنشاء :
تصنيع الوحدات في بيئة وظروف متحكم بها يرفع من جودة البناء ومستويات العزل (الحراري أو المائي). كما يرفع من وتيرة البناء ويسمح بإنشاء عددٍ أكبر من الوحدات في زمن أقصر (إذ يتضمن العمل الميداني مهماتٍ أقل ويمكن الاستمرار في العمل في ظروف جوية أصعب). - من جهة التخطيط العمراني:
- يسمح بتوفير عددٍ أكبر من الوحدات السكنية بحيث تكون موحدة المعايير والمساحات ومضمونة الجودة.
- على المستوى المعماري فإن استعمال الوحدات المعيارية «Modules» لا يشكل قيداً على التصميم المعماري حيث الممكن دمجه مع العديد من المواد والتقنيات الأخرى.
- المباني والمنازل مسبقة الصنع عند اكتمالها لا تختلف عن المباني التقليدية سواء خارجيًا أم داخليًا.
مستقبل الإنشاءات قد يكون طباعة المباني!
مع تقدم تقنيات التصميم الحاسوبي والطباعة ثلاثية الأبعاد، بدأت هاتان التقنيات بالاندماج إذ قام مهندسون من شركة آروب Arup البريطانية بتشييد منزلٍ عن طريق تصميمه حاسوبيًا ومن ثم طباعته باستخدام روبوت خاص، يتكون المبنى من غرفة معيشة وغرفة نوم ومطبخ وحمام، بمساحة 100 متر مربع وارتفاع 3.2 متر، أخذ تشييد المبنى (أو طباعته بالأحرى) أسبوعًا ليكون آهلًا للسكن.
تعتبر المنازل المسبقة الصنع من بين الهياكل التي كثيرًا ما يتم تفضيلها في السنوات الأخيرة لتلبية احتياجات الإسكان نظرًا لهياكلها المفيدة واقتصاديتها، وفي ظل موجات التمدّن والتحضّر و توقع ازدياد نسبة سكان المدن من العالم إلى 70% بحلول 2050 تقدم المباني المسبقة الصنع التي تعتبر جذابة أيضًا مع التفاصيل المرئية التي تقدمها حلولًا لمساحات المعيشة يمكن استخدامها في كافة المناطق باختلاف مناخها باستخدام التقنيات المتطورة.
نحن في شركة إعماركو عندما نفكر في إعادة الإعمار نبدأ باستخدام طرق حديثة و فعالة و نتبنى فكر ومنهجية تقنية إحدى تقنيات BIM المنشأت المسبقة الصنع لصناعة مشاريع هندسية مستقبلية.