بناء أكثر استدامة
تعتمد كل أشكال الحياة على الأرض على البيئة المحيطة وعلى الموارد الطبيعية التي تأتي منها، مثل الماء والهواء والغذاء والنباتات وضوء الشمس والمعادن.
حيث هناك بعض الموارد التي لا يمكن استبدالها بمجرد استخدامها، إضافةً إلى أنه يمكن أن يكون لاستخدام بعض الموارد آثار سلبية على البيئة، مثل التلوث والذي بدوره يمكن أن يؤدي إلى حصول مشاكل إضافية في العناصر البيئية الأخرى التي نعتمد عليها بشدة.
ومن هنا ظهر حديثاً مفهوم الهندسة المستدامة التي لها دور كبير في المساعدة في إيجاد حلول وطرق لحماية بيئتنا الطبيعية والحفاظ عليها, وأيضاً التأكد من أن العمليات والأنظمة التي نستخدمها كأفراد وشركات لا تضر بالبيئة المحيطة.
الهندسة المستدامة sustainable engineering :
يوحي الاسم ذاته الى أن الأمر كله يتعلق بتصميم وتشغيل الأنظمة اليومية بطريقة تجعل استخدام الموارد المتاحة على نحو مستدام.
ربما لم تكن قد أدركت ذلك من قبل لكن الهندسة المستدامة تؤثر في العديد من جوانب حياتنا اليومية ، مثل صنابير المياه وإزالة وإعادة تدوير النفايات وأيضاً الصناعات بما في ذلك التصنيع والبناء وأنظمة الطاقة و النقل باختصار يمكن لأي صناعة يتم فيها إنفاق طاقة واستهلاك موارد أن تستفيد من الهندسة المستدامة .
الهدف من الهندسة المستدامة :
الهدف من الهندسة المستدامة هو تطوير حلول تستمر لأجيال دون الإضرار بالبيئة أو استنفاذ الموارد الطبيعية. و لتحقيق هذا الهدف يجب على المهندسين النظر في جميع جوانب المشروع مثل مواد التصميم المستخدمة وطرق الإنتاج المستخدمة وإدارة استخدام الطاقة وما إلى ذلك مع الحفاظ على الاستدامة في المقدمة طوال كل مرحلة من مراحل التطوير . بالإضافة إلى ذلك إيجاد حلول مبتكرة تستخدم موارد أقل وبنفس الوقت تلبي احتياجات العملاء بشكل فعال.
الهندسة المستدامة في الشرق الأوسط (المباني الخضراء):
العالم العربي ليس غريباً على مفهوم الهندسة المستدامة. في السنوات الأخيرة ، كان هناك تشجيع لمفهوم المباني الخضراء في المنطقة كجزء من جهد شامل لتقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون.
تركز الهندسة المستدامة على تصميم الهياكل التي تتسم بالكفاءة والصديقة للبيئة ، باستخدام الموارد المتجددة مثل الطاقة الشمسية أو توربينات الرياح حيثما أمكن ذلك. حيث يمكن أن يكون لهذا النوع من الهندسة تأثيراً كبيراً على تقليل مستويات تلوث الهواء في المناطق الحضرية مع المساعدة أيضًا في الحفاظ على الموارد الطبيعية القيمة مثل المياه والكهرباء.
ومن أحد الأمثلة على الهندسة المستدامة الناجحة في العالم العربي هو برج الماس في دبي Al Mas Tower ، والذي تم الانتهاء منه في عام 2009 مع الاستدامة في مبادئ التصميم الأساسية. يستخدم البرج تقنية عزل متطورة تساعد في الحفاظ على درجات الحرارة في الداخل مريحة حتى خلال أيام الصيف الحارة دون الحاجة إلى الاعتماد بشكل كبير على وحدات تكييف الهواء ,مما يقلل بشكل كبير من استخدام الطاقة مقارنة بالمباني الأخرى التي تم تشييدها في هذه الفترة الزمنية دون تثبيت ميزات مماثلة. بالإضافة إلى ذلك فإنه يستخدم الألواح الكهروضوئية التي تولد ما يكفي من الكهرباء من ضوء الشمس وحده لجميع احتياجات الإضاءة الداخلية داخل المبنى نفسه .
من الواضح إذاً لماذا بدأت العديد من الحكومات في الاستثمار بكثافة في تطوير المزيد من مشاريع البنية التحتية الصديقة للبيئة على مدار العقد الماضي أو نحو ذلك ,ليس فقط لأنها ستوفر لهم المال على المدى القصير ولكن لأن الآثار طويلة المدى يمكن أن تفيد الكوكب بأكمله .
في نهاية المطاف فإن تبني الممارسات المستدامة في مشاريع الأعمال المدنية في جميع أنحاء الشرق الأوسط يوفر حلولاً محتملة طويلة الأمد لمعالجة العديد من المشاكل التي تتراوح من التخفيف من حدة الفقر وصولاً إلى حماية النظم البيئية من الضرر الناجم عن الأنشطة غير المستدامة التي تم تنفيذها خلال القرون الماضية.
البناء المستدام:
البناء المستدام يعزز التفاعل بين الإنسان والطبيعة، ويحافظ على جودة حياة المستخدم, لذلك تعتبر المباني مسؤولة بشكل مباشر أو غير مباشر عن حوالي 50% من انبعاثات الكربون.
حيث تقرر في مؤتمر شيكاغو 1993 أهمية أخذ المهندسين المعماريين البناء الأخضر(الصديق للبيئة) في عين الإعتبار .
ومن هذا المنطلق يجب أن تظهر الاستدامة في دورة حياة البناء بجميع مراحلها :
1- التصميم
2-البناء
3-التشغيل
4- الصيانة
5- الهدم
صفات البناء الأخضر:
يتميز البناء الأخضر بعدة ميزات :
- أن يكون منسجماً مع البيئة المحيطة :
لذلك يجب دمج البناء وأنظمة تشغيله قدر الإمكان مع الطبيعة.
- الكفاءة في توفير الطاقة :
من خلال تجنب أنظمة معينة مثل بعض أنظمة التكييف التي تستهلك كميات طاقة كبيرة ، أو من الممكن جعل البناء ينتج طاقته الخاصة به .
- منتج للطاقة البديلة
يتم استخدام طاقات بديلة مثل ( طاقة الرياح، الطاقة الحرارية الأرضية الطاقةالشمسية)، لتأمين احتياجات البناء مثال على ذلك استخدام طاقة الشمس لتدفئة البناء أو لتسخين المياه أو إنتاج الكهرباء من خلال ألواح الطاقة الشمسية.
- مواد مستخدمة صديقة للبيئة :
يجب تقليل استعمال المواد التي يمكن أن تسبب ضرراً للبيئة مثل المواد المستخرجة من الوقود الأحفوري كالبلاستيك.
ومن جهة أخرى لا يمكن اعتبار مادة الخشب في البناء الناتجة عن إزالة الغابات امراً بيئياً أو مستداماً، لذلك يجب الحصول على الخشب من المزارع وليس من الغابات الطبيعية. و في ظل حديثنا عن مادة الخشب فهي تعتبر من المواد التي تؤمن بيئة دافئة وتقلل من ظاهرة الاحتباس الحراري , ونذكر أيضاً مادة الـ raw earth (مادة طينية خام) ، وهي ذات تأثير منخفض على البيئة وايضاً موفرة للطاقة.
أمثلة عن الأنظمة المستخدمة في الهندسة المستدامة:
نظام الطاقة الشمسية (solar power):
تعتبر الطاقة الشمسية من أهم مصادر الطاقة المتجددة ، حيث تلعب دوراً في التنمية المستدامة . لذلك فإن الكمية الهائلة من الطاقة الشمسية التي يمكن الحصول عليها يومياً تجعلها مورداً هاماً للغاية لتوليد الكهرباء .
حيث يمكن إرجاع تاريخ الطاقة الشمسية إلى القرن السابع عندما تم استخدام المرايا التي تعمل بالطاقة الشمسية، و في عام 1893 تم اكتشاف التأثير الكهروضوئي. حيث طور العلماء هذه التقنية لتوليد الكهرباء. بناءً على ذلك تم تصنيف تكنولوجيا الطاقة الشمسية إلى تطبيقين رئيسيين: الطاقة الشمسية الحرارية والطاقة الشمسية الكهروضوئية.
حيث أصبحت هذه الأجهزة الكهروضوئية هي الخيار الأرخص لتوليد الكهرباء الجديدة في العديد من المدن في العالم بسبب انتشارها في كل مكان.
نظام توربينات الرياح (wind energy):
يستخدم العلماء والمهندسون طاقة الرياح الحركية لتوليد الكهرباء. يتم إنشاء طاقة الرياح باستخدام توربين الرياح ، وهو جهاز يوجه طاقة الرياح لتوليد الكهرباء.
هناك نوعان من توربينات الرياح:
-توربينات الرياح ذات المحور الأفقي (HAWTs)
-توربينات الرياح ذات المحور الرأسي (VAWTs).
HAWTS هي أكثر أنواع توربينات الرياح شيوعًا. عادةً ما يكون لها شفرتان أو ثلاث شفرات طويلة رفيعة تشبه مروحة الطائرة , حيث يتم وضع الشفرات بحيث تواجه الريح مباشرة. تحتوي VAWTs على شفرات منحنية أقصر وأعرض تشبه المضارب المستخدمة في الخلاط الكهربائي , ومن الممكن أن تنتج توربينات الرياح الصغيرة والفردية 100 كيلو واط من الطاقة ، وهو ما يكفي لتزويد المنزل بالطاقة.
تُستخدم توربينات الرياح الصغيرة أيضاً في أماكن مثل محطات ضخ المياه , و توضع توربينات الرياح الأكبر قليلاً على أبراج يصل ارتفاعها إلى 80 متراً (260 قدماً) و لها شفرات دوارة تمتد بطول 40 متراً (130 قدماً) تقريباً,يمكن أن تولد هذه التوربينات 1.8 ميغا واط من الطاقة.
بعض الأبنية المستدامة في العالم :
إليكم أهم الأبنية المستدامة في العالم والتي بنيت بمقاييس صديقة للبيئة:
إعماركو ودورها في الهندسة المستدامة:
إن شركة إعماركو من الشركات الرائدة التي لها رسالة واضحة جمعت بين الهندسة المستدامة والتكنولوجيا الرقمية في نشاطها ضمن رؤيتنا , حيث نطمح دائماً إلى أن نكون سباقين في إنشاء مشاريع رقمية و هندسية تكون مستدامة للأجيال القادمة.